آخر تحديث للموقع : السبت - 27 أبريل 2024 - 12:29 م

الأهداف السامية والأحداث الدامية

ماذا بعد أحداث 22 يونيو 1969 ؟ صور المشهد السياسي والشعبي بعد استقالة الرئيس قحطان

الخميس - 29 فبراير 2024 - الساعة 08:46 ص بتوقيت اليمن ،،،

غرفة البحوث والدراسات بمركز شمسان للصحافة

المذكرة (36)

صورة (1):
كانت استقالة الرئيس / قحطان محمد الشعبي عن رئاسة الجمهورية، بمنزلة صاعقة دمَّرت آمال الكثير من السياسيين والعسكريين، الذين كانوا يؤيدون سياسته، ورأوا أن مستقبلهم السياسي والعسكري قد انتهى، بعد تحديد إقامة الرئيس قحطان الشعبي، الذي كان يعد من العناصر الواقعية المعتدلة، هو ورئيس الوزراء فيصل عبد اللطيف، الذي تمت إزاحته هو الآخر عن رئاسة
الوزراء.

صورة (2): إن نجاح العناصر اليسارية في إزاحة الرئيس قحطان، ورئيس الوزراء فيصل عبد اللطيف عن السلطة، ظهر منذ الوهلة الأولى أنها ستُعرِّض البلاد إلى الفوضى، بسبب سياسة القفز فوق الواقع المعروف بها أصحاب التيار اليساري، وهو ما سيقود البلاد إلى نزاعات داخلية وخارجية، وهذا ما حصل بالفعل.

صورة (3) : قام العديد من الضباط والصف والجنود في الجيش والأمن من أبناء قبائل (دثينة والعواذل)، بتقديم استقالاتهم. وكان على رأسهم القائد العام للقوات المسلحة العقيد / حسين عثمان عشال. وكذا مجاميع كبيرة من كوادر القطاعين الحكومي للدولة، والتنظيمي للجبهة القومية أيضاً.

صورة (4): بعد (22 يونيو 1969م)، تجلت ملامح وأهداف الصراع على السلطة في الأفق، وصارت أمام مرأى الرأي العام المحلي والخارجي، مُعبِّرة عن النهج الذي يريده، بل اختطه عناصر اليسار المتطرف. وتلك الملامح بدت من خلال الآتي:

صورة (5): وصول أعداد كبيرة من الخبراء والمستشارين الأجانب منهم الروس والألمان الشرقيون والكوبيون ... وغيرهم من دول المنظومة الاشتراكية، وهو ما يشير - كما أسلفنا الذكر - إلى أن العناصر اليسارية التي استولت على السلطة، اتجهت، بل ارتمت في أحضان النظام الاشتراكي العالمي، من دون سابق دراسة أو تفكير.

صورة (6) : تعيين المقدم / علي عبدالله ميسري قائداً للجيش.

صورة (7): وصول الخبراء والمستشارين الأجانب (الاشتراكيون)، لتنفيذ مهام محددة، تهيئ البلاد للاندماج في النظام الاشتراكي ولتجهيز البنية السياسية والأمنية والمدنية والاجتماعية والثقافية لنشوء النظام الاشتراكي في بلادنا وتطوره، من دون أن تكون هناك مقومات حقيقية لقيام دولة، فكان منهم:

1. المستشارون والخبراء العسكريون.
2. المستشارون والخبراء السياسيون والاقتصاديون.
3. المستشارون والخبراء العقائديون.
4. المستشارون والخبراء في أمن الدولة.
5. المستشارون والخبراء في المنظمات الجماهيرية والنقابية.

في ضوء ذلك، شرع نظام الرئيس / سالم ربيع علي (سالمين)، في إعداد الخطط والبرامج السياسية والعسكرية والأيديولوجية والاقتصادية والاجتماعية .... الخ. التي كانت على نحو ما هو آتٍ:

صورة (8): تم البدء بتأطير العناصر التي نالت الثقة من قبل القيادة السياسية، وهي العناصر المؤمنة بالاشتراكية العلمية، وأغلبها لم تكن مؤمنة بالاشتراكية عن قناعة، وإنما حفاظاً على توفير لقمة العيش لها ولأسرها، والمنحدرة طبقيًّا من أبناء العمال والفلاحين والبدو الرحل.

صورة (9): تطهير الجيش والأمن من العناصر القومية والوطنية؛ كون القومية والوطنية تتناقضان تمامًا مع مبادئ (الماركسية اللينينية والأممية البروليتارية). بِغَضِّ النظر والاعتبار لأدوار هذه العناصر النضالية في سنوات التحرير أو قبلها، أو بعدها، تحت حجة واهية، وعذر أقبح من ذنب، هو أنها خدمت في فترة الاحتلال البريطاني، وبالتالي فهي تشكل خطراً على مسيرة ونهج الثورة والجمهورية الوليدة.

صورة (10): قامت السلطة السياسية - بناءً على تقارير المستشارين والخبراء الاشتراكيين - بإجراءات فعلية لتطهير الجيش والأمن، وكذا الجهاز الإداري للدولة، بحجة أنه جهاز استعماري قديم، ولابد من
تطهيره جذريا.

صورة (11): كانت تصدر أوامر كثيرة ومتتابعة تقضي بتسريح المئات من الضباط والصف والجنود ، وكذا المئات من كوادر الجهاز الإداري للدولة.

صورة (12):  ولسد النقص في الكادر العسكري والمدني المُسرَّح، كانت تصدر أوامر وقرارات، بموجبها يتم إحلال عناصر جديدة، بديلاً عن العناصر المُسرَّحة، وهذه العناصر الجديدة، لم تكن تملك الخبرة ولا الكفاءة للقيام بأعمالها الموكلة إليها. وهو الأمر الذي أدى إلى شلِّ فاعلية وقدرة الجيش والأمن والجهاز الإداري للدولة، عن القيام بأعمالها.

صورة (13): فقدت مؤسستا الجيش والأمن، وكذا الجهاز الإداري للدولة توازنها، وصارت غير قادرة على تسيير شؤون الدولة، فأصبحت الدولة أشبه بالرجل العجوز الذي لا يقوى على القيام بمحتاجاته هو، بل إنها في أحايين كثيرة كانت لا تختلف في صورتها عن صورة المريض الذي يعاني من غيبوبة.

تنبيهٌ: سلسلة الأهداف السامية والأحداث الدامية تأخذُ لُبَّ الكلامِ من مُذكّرات اللواء المتقاعد / محمد قاسم بن عليو ، الذي وثَّق سيرته النضالية قبل رحيله عن الدنيا ووثَّق تاريخ الجنوب وأهم أحداثه التي عاشها وعايشها وشارك فيها منذ عام 1952 حتى عام 1990م، وأعادت غرفة الدراسات والبحوث لمركز شمسان للصحافة صياغة المذكراتِ بعباراتٍ موجزةٍ تتوافقُ مع مضمون النص الأصلي للمذكرات.




متعلقات