آخر تحديث للموقع : السبت - 27 أبريل 2024 - 11:29 م

الأهداف السامية والأحداث الدامية | بدايات الصراع على السلطة بين فُرقاء الجبهة القومية

السبت - 10 فبراير 2024 - الساعة 08:40 م بتوقيت اليمن ،،،

غرفة البحوث والدراسات بمركز شمسان للصحافة

المذكرة (33)

ما زلت أتذكر كيف أن عام (1969م)، أطل علينا منذ بدايته، حاملاً معه أعاصير تزمجر بالأحداث السياسية التي في رأيي، ما كان ينبغي حدوثها كونها أولاً وأخيراً، تؤثر على مسيرة تقدم الوطن، لا كما كان أطرافها يحسبون حسابها، وكلُّ طرفٍ يُمنِّي نفسه بالحصول على مكاسب سياسية، هي في الأصل وهمية؛ لأن أيًّا كان يتهيأ له أنه الكسبان، فهو ينسى بعلم، أو بغير علم أن الوطن والشعب في ظل هكذا أحداث مؤسفة سيظلان الخاسرين. وعليهما دفع ثمن تلك التصرفات الهوجاء التي قام بها حفنة ممن لم يدركوا قيمة الشعب والوطن، ولا أحد يعلم متى سينتهي دفع ثمن تلك التصرفات

وتوضيحاً لذلك، فقد شهد شهر مارس من عام (1969م)، اعتقالات لبعض الضباط الصغار والجنود في بعض الوحدات التي كان يقودها ضباط ينتمون إلى قبائل (دثينة والعواذل)، تحت مبررات أن هؤلاء يقومون بنشاطات تنظيمية يسارية، وقد شملت الاعتقالات أبناء المحافظات الأخرى من دون تمييز.

هذه التصرفات المتمثلة بالاعتقالات، وغيرها من المضايقات لكل من لا ينتمون إلى قبائل (دثينة والعواذل) أوجدت حساسيات جديدة فوق الحساسيات السابقة، التي كانت قد انتشرت في جسد الوطن كاملاً، أضف إلى تلك التصرفات، التي أقل ما يمكن أن يصفها المرء بالخاطئة، قيام قادة وحدات عسكرية، بإلقاء محاضرات تحريضية تعبوية، ضد قادة وحدات عسكرية أخرى، واصفين إياهم باليساريين الشيوعيين.

ولأن سيد الموقف داخل الجيش في تلك الفترة، كان القبلية والشللية والوضع العام أصبح يثير كثيراً من المخاوف على أكثر من صعيد، فإن المعتقلين من الضباط والجنود كانوا يقدمون مباشرة إلى القائد العام للجيش كونه المخول قانوناً بالطرد والسجن معاً، لمن أراد، وبالتالي فإن قائد الجيش كان يتعامل مع المعتقلين بحسب انتماءاتهم القبلية، لا يحسب اللوائح والنظم المتبعة داخل الجيش، وهو الأمر الذي يجعل المرء يشعر بأن القانون أصيب بموت سريري، أو بلغة أقل حدة - عند أكثر المتفائلين - أنه في إجازة مفتوحة، إلى ما شاء ربي.

وفي محاولة للاطلاع على الأوضاع العسكرية، والصراعات الناشبة داخل الجيش والأمن معاً ، قام سيادة الرئيس / قحطان محمد الشعبي في تاريخ (21 إبريل 1969م)، بزيارة إلى معسكر أبي عبيدة، وقد كان الهدف من هذه الزيارة، محاولة سيادة الرئيس تهدئة التوترات، ونزع فتيل هذا الصراع الذي قد ينفجر فجأة، ويحدث ما لا تُحمَد عقباه.

وللغرض نفسه، فقد توالت زيارات سيادة رئيس الجمهورية للعديد من المعسكرات، ففي اليوم التالي لزيارة معسكر أبي عبيدة، أي في تاريخ (22 إبريل 1969م)، زار معسكر طارق وفي يوم (23 إبريل 1969م)، زار معسكر اللواء السادس - معسكر بدر حالياً - كما زار قيادة سلاح الدروع.

كان المشهد السياسي في عدن، مع بداية العام (1969م)، تراجيدياً في مردوده على عامة الناس، وكان طرفا النزاع على السلطة، يُؤدِّيان أدوارهما على المسرح السياسي، تحت هالة كبيرة من الضغط النفسي والسياسي خصوصًا اليسار المتطرف الذي بدا متشنجًا إلى درجة الخطورة المنذرة بتفجر بركان من الصراع، يدمر كل منجزات ثورة أكتوبر.

تنبيهٌ: سلسلة الأهداف السامية والأحداث الدامية تأخذُ لُبَّ الكلامِ من مُذكّرات اللواء المتقاعد / محمد قاسم بن عليو ، الذي وثَّق سيرته النضالية قبل رحيله عن الدنيا ووثَّق تاريخ الجنوب وأهم أحداثه التي عاشها وعايشها وشارك فيها منذ عام 1952 حتى عام 1990م، وأعادت غرفة الدراسات والبحوث لمركز شمسان للصحافة صياغة المذكراتِ بعباراتٍ موجزةٍ تتوافقُ مع مضمون النص الأصلي للمذكرات.




متعلقات